اشترط كثير من العلماء أن يكون التيمم بتراب له غبار يعلق باليد، ومنعوا التيمم بالرمل ونحوه مما لا غبار له، وألزموا المسافر أن يحمل معه التراب إذا سافر في أرض رملية، ولعل الصحيح جواز التيمم بالرمل؛ لعموم قوله صلى الله عليه وسلم: "جعلت لي الأرض مسجدا وطهورا" متفق عليه. إذا ضعفت العقيدة في القلوب ضعف العمل، فإذا رأيت الذي يكون ضعيفا في عباداته، في صلواته وزكواته وما إلى ذلك، فاعلم أن ذلك لضعف في عقيدته بالأساس.فالعقيدة حقيقة إذا امتلأ بها القلب ظهرت آثارها على الجواربالوقوف قائما أو عدم الاستظلال أو بترك الكلام فهذا ليس فيه طاعة إن المسلم الملتزم بدين الله ، والذي سار على صراط الله المستقيم ، سيجد دعاة الضلال والانحراف؛ وهم واقفون على جانبي الطريق، فإن أنصت لهم والتفت إليهم عاقوه عن السير، وفاته شيء كثير من الأعمال الصالحة. أما إذا لم يلتفت إليهم؛ بل وجه وجهته إلى الله فهنيئا له الوصول إلى صراط ربه المستقيم الذي لا اعوجاج فيه ولا انحراف اختار بعض العلماء أن وقت الختان في يوم الولادة، وقيل في اليوم السابع، فإن أخر ففي الأربعين يوما، فإن أخر فإلى سبع سنين وهو السن الذي يؤمر فيه بالصلاة، فإن من شروط الصلاة الطهارة ولا تتم إلا بالختان، فيستحب أن لا يؤخر عن وقت الاستحباب.أما وقت الوجوب فهو البلوغ والتكليف، فيجب على من لم يختتن أن يبادر إليه عند البلوغ ما لم يخف على نفسه عيادة المريض سنة مؤكدة، وقد رأى بعض العلماء وجوبها. قال البخاري في صحيحه: باب وجوب عيادة المريض. ولكن الجمهور على أنها مندوبة أو فرض على الكفاية، وقد ورد في فضلها قول النبي صلى الله عليه وسلم: "إن المسلم إذا عاد أخاه المسلم لم يزل في خرفة الجنة حتى يرجع" رواه مسلم. (الخرفة: اجتناء ثمر الجنة)
تفسير سورة الكهف
32706 مشاهدة
رحلة موسى إلى الخضر وسببها

نبدأ في القصة الثالثة في سورة الكهف: وهي قصة موسى مع الخضر
مر بنا في صحيح البخاري سبب هذه القصة؛ فأولا: ما ذكر أن: ابن عباس قيل له: إن نَوْفًا البِكَالي يزعم: أن موسى صاحب الخضر ليس هو موسى بن عمران وإنما هو موسى آخر، فقال ابن عباس كذب عدو الله، ويريد بذلك: أخطأ؛ وذلك لأن نوفا الْبِكَالي من مُسْلِمة أهل الكتاب، ومن الذين قلدوا ما وجدوه في كتبهم، بما فيه تحريف فادعى: أن موسى الذي ذكر في هذه القصة، أو وجد في كتبهم: أنه ليس هو موسى بن عمران الذي أرسله الله إلى فرعون وإلى قومه، وقالوا: كيف يكون موسى بن عمران جاهلا بهذه الأحكام؟ وكيف يكون محتاجا إلى زيادة تعلم مع أن الله تعالى كَلَّمَهُ تكليما، ومع أن الله أنزل عليه التوراة التي كتبها الله بيده؟ فقال له: يَا مُوسَى إِنِّي اصْطَفَيْتُكَ عَلَى النَّاسِ بِرِسَالَاتِي وَبِكَلَامِي فَخُذْ مَا آتَيْتُكَ وَكُنْ مِنَ الشَّاكِرِينَ قال الله: وَكَتَبْنَا لَهُ فِي الْأَلْوَاحِ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ مَوْعِظَةً وَتَفْصِيلًا لِكُلِّ شَيْءٍ فَخُذْهَا بِقُوَّةٍ وَأْمُرْ قَوْمَكَ يَأْخُذُوا بِأَحْسَنِهَا فهذا دليل على أن الله كتب فيها مواعظ من كل شيء، فكيف يحتاج إلى أن يتزود إلى ما عند الخضر من العلم؟
ولكن جاء الحديث عن النبي - صلى الله عليه وسلم - فاصلا في هذا الموضوع، ومبينا أنه موسى وأن موسى - عليه السلام - أراد أن يتزود إلى علمه، الذي فتح الله عليه، وعلمه، وأن يضيف إليه ما يتعلمه من الخضر الذي هو نبي من أنبياء الله تعالى؛ فذُكِر سبب الحديث، وهو: أن موسى مَرَّة تكلم في قومه، وبسط الكلام، وتوسع فيه، وذكر أحكاما غريبة، وأحكاما عجيبة كثيرة؛ فأعجب الحاضرين ما فتح الله عليه، وما عنده من العلوم؛ فعند ذلك سأله بعض الحاضرين، وقال له: هل هنا أحد أعلم منك؟ فلم يكن عنده علم: بأن الخضر موجود؛ فعند ذلك قال: لا. أي: لا يوجد، ولا أعلم أحدا أعلم مني.
ولما كان الواجب عليه أن يرد العلم إلى الله عتب الله عليه. يعني: كان الواجب أن يقول: نعم، هناك من أعلم مني، وإن كنت لا أدري به، أو يقول: الله أعلم. الله أعلم هل هنا من هو أعلم مني أم لا ؟ فلما لم يرد العلم إلى الله تعالى عاتبه الله، وقال له: بلى، إن هنا من هو أعلم منك. من هو؟ قال الله: عبدنا الخضر ولما ذكر الله له أن هذا العبد الذي هو الخضر أعلم من موسى أحب موسى أن يلقاه، فقال: يا رب، هل من سبيل إلى أن ألقاه، وأتزود من علمه؟ فأجاب الله تعالى طلبته، وجعل له علامة. أولا: أخبر بمكانه، وأنه بمجمع البحرين، وثانيا: أمر بأن يحمل معه حوتا في زمبيل، وقيل له: متى فقدت ذلك الحوت فإنك ستجد الخضر في ذلك المكان، والحوت: معلوم أنه ميت، ولذلك يحملانه في هذا الزمبيل مع كونه ميتا؛ فلذلك عزم على أن يسافر إلى الخضر لماذا؟ ليتزود من العلم.